مؤتمر المسار الديمقراطي السوري
عقد المسار الديمقراطي السوري مؤتمره التأسيسي في 25 و26 أكتوبر2024 في العاصمة البلجيكية بروكسل. بمشاركة العديد من التيارات والحركات والمنظمات والشخصيات المستقلة في سوريا وبلدان المهجر. بالإضافة إلى ممثلون عن أحزاب وحركات سياسية وتنظيمات نسائية في شمال وشرق سوريا.
هدف المؤتمر بحسب القائمين عليه، كان لتعزيز الجهود للوصول إلى حل سياسي وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254 وبناء سوريا حرّة ديمقراطية ولامركزية، وتطوير الجهود التي بذلتها مؤسسات المعارضة حتى الآن والتكامل معها.
شهد المؤتمر، مشاركة عبر تقنية الفيديو من السويداء، إذ ألقيت كلمة باسم اللجنة السياسية في السويداء، ألقاها يامن معروف الذي توجه بالتحية من السويداء ومن حراكها السلمي للمشاركين في المؤتمر.
وتحدث معروف عن أهداف حراك السويداء، وقال إنّه يطالب بالتغيير السياسي وفق القرارات الدولية 2254 وجنيف1 بما يضمن الانتقال السياسي في البلاد.
وطالب معروف بالإدارة اللامركزية كي لا تتفرد السلطة المركزية بالحكم، من أجل ضمان المشاركة الفعالة للمجتمع في الإدارة. مؤكدًا في الوقت ذاته، دعم السويداء للمؤتمر، ولأي خطوة تحقق تطلعات السوريين.
شاركت الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية، ليلى قره مان، في مؤتمر مسار الديمقراطي السوري، أيضًا عبر تقنية الفيديو.
وركزت ليلى قره مان في مداخلتها، على عدد من النقاط الأساسية التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار في الوثائق والنقاشات، وقالت: “إنّ المرحلة الراهنة تتطلب منا إعادة النظر في مفهوم الهوية الوطنية السورية، بما يشمل جميع مكونات الشعب السوري. وتحقيق توافق وطني شامل حول هذه الهوية، سيكون أساسًا للاستقرار والبناء المشترك”.
مشيرةً أنّه مع التطورات والتغيّرات في المنطقة وسوريا، يصبح تبني نظام اللامركزية ضرورة، حيث يمكنه تعزيز التعايش، وتقوية الروابط بين المكونات المحلية، وتوزيع السلطات بشكل متوازن يخدم الشعب السوري بأكمله.
وأكّدت أنّ الديمقراطية وحرية المرأة مترابطتان بشكل وثيق، لذا من الضروري أن تُراعى قضايا المرأة ضمن الوثائق والسياسات المقترحة، لضمان حقوقها ومساهمتها في بناء مستقبل سوريا الديمقراطي.
وأوضحت أنّ الجميع بحاجة إلى التعاون ومواصلة الحوار، والعديد من القضايا تتطلب مناقشات أعمق، من خلال ورشات عمل متخصصة تعزز العمل الجماعي.
اختتام أعمال مؤتمر المسار الديمقراطي السوري، بانتخاب أمانة عامة للمؤتمر مؤلفة من 23 عضوًا وعضوة, وإصدار بيان ختامي، حيث جاء فيه:
اختتم المؤتمر التأسيسي للمسار الديموقراطي السوري، أعماله التي استمرّت لمدة يومين، في 25-26 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، بمشاركة(128) مندوبًا بشكل فيزيائي و افتراضي، يمثّلون قوى وشخصيات ديمقراطية من سوريا في داخل البلاد وخارجها. هؤلاء المشاركون مؤمنون بأهمية النظام الديمقراطي، في بلورة حياة سياسية منتجة وحيوية، تشكّل كلمة سواء بين السوريين والسوريات.
لقد انعقد المؤتمر في ظروف بالغة التعقيد والخطورة، حيث تتعرض البلاد لتجزئة فعلية؛ بسبب التدخّلات الخارجية والعسكرية والصراعات الداخلية، والاحتلالات المتعدّدة التي ما زالت تهدّد وحدتها الوطنية، بعد أن عانت ومازالت من استبداد طويل، مارسه نظام تسلطي صادر السياسة، ونزعها من المجتمع من خلال القمع والاضطهاد وتكريس الانقسامات العمودية، ( قوميًّا ودينيًّا وطائفيًّا )، طمعًا في تأبيد سلطته التي تفتقر إلى أي مصدر من مصادر الشرعية، ما عدا شرعية الأمر الواقع والقوة العسكرية و الأمنية.
وحين انطلقت ثورة السوريين- السلمية في ربيع عام 2011، استشاط النظام غضبًا، ونفّذ وعيده وتهديده بإحراق البلاد. هذا العنف الذي ولد عنفًا مضادًا، وسادت سياسات التسلّح والأسلمة، وبالتالي طغيان قوى الإرهاب ( داعش والنصرة) و ميلشيا إسلاموية، ارتهن بعضها لدول الجوار وأخرى لمحاور وقوى إقليمية.
في ظل التطورات الدولية والإقليمية، والتي تجعلنا نمر في منعطف بالغ الخطورة والتعقيد، و قد تتغيّر فيه ومن خلاله الكثير من الخرائط وتوزيع القوى، حيث هنالك وضع دولي متوتّر في أكثر من مكان، فاستمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، والاعتداءات التركية المستمرة والمتكررة على شمال وشرق سوريا، وأخيرًا وبشكل خاص الصراع الدامي في غزّة وفي لبنان، والتوتر بين إيران وإسرائيل الذي لم تتّضح بعد آثاره وامتداداته، كذلك ما يمكن أن تفرزه نتائج الانتخابات الأمريكية القادمة، كل ذلك يدفعنا إلى إعادة النظر في سياساتنا، وبناءها على أساس هذه المتغيرات، وتحديثها بما يتماشى مع تلك المتغيرات.
ومن أجل أن توضع سوريا من جديد على المسار الديمقراطي، يؤكّد المؤتمر على الحقائق التالية، التي سنبذل كل الجهود من أجلها:
- وحدة سوريا أرضًا وشعبًا، لأنّ الحفاظ على وحدة البلاد هو الأساس في أي حل سياسي، وهو ما يجب أن يشكّل قاعدة لأي عملية تفاوضية.
- الانتقال السياسي عبر الأمم المتحدة والقرارات الدولية، وخاصة القرار 2254، وتوسيع تمثيل السوريين، وتعزيز وزنهم الذي يمثّل الإطار القانوني، المعتمد لتحقيق التسوية السياسية بين جميع الأطراف.
- التأكيد على الهويّة الوطنية السورية، التي تسمو على الهويّات الفرعية و تحتضنها.
- إنّ لمسار الديمقراطية والتقدم، علاقة طردية مع تمكين المرأة، ولن يبلغ التغيير مداه من دون ذلك. وفي الوقت نفسه، إذا كان هذا القرن قرنًا لإنجاز المساواة الجندرية، فيجدر بنا أن نكون في قلب تلك الحركة.
- التأكيد على دور الشباب ومساهمتهم في صنع القرار، وضرورة تمثيلهم في الهيئات المنبثقة عن المسار، لاستثمار طاقاتهم وقدراتهم.
- ضرورة إقامة نظام لامركزي، تتحدد تفاصيله عبر حوار وطني شامل بين كافة الأطراف، لضمان حقوق جميع مكونات الشعب السوري ومنع عودة الاستبداد.
- الفصل بين الدين والدولة، وحياد الدولة تجاه الأديان.
- بناء الجمهورية السورية وتحصين حقوق الجماعات والأفراد، يتطلب مبادئ دستورية محصّنة، تعتمد على القوانين والمواثيق والشرعية الدولية لحقوق الانسان والجماعات، وأن يكون للقانون الدولي والمواثيق الدوليّة، الأولوية على المبادئ الدستورية، بشكل خاص القانون الدولي الإنساني -جنيف 1949.
- تعتبر الديمقراطية نظام ضامن، لضبط فعّالية الحياة السياسية السورية، القائمة على التنوع والغنى المجتمعي، بما يضمن تحقيق أفضل النتائج على المستوى السوري العام.
- التأكيد على حل القضية الكردية وفق الشرعية الدوليّة، وضمان حقوق المكونات الاثنية الأخرى.
إنّ المسار الديمقراطي السوري، بناء على ما سبق، يدعو إلى حثّ الخطى نحو وحدة وتنظيم الديمقراطيين السوريين، حتى الوصول إلى مؤتمر وطني شامل، تحت إشراف دولي وإقليمي، يجمع كافة القوى السياسية والديمقراطية، المؤمنة بمستقبل متقدّم للبلاد، على أن تكون سوريا المستقبلية، نتاج جهود الجميع. لهذا، سيكون مسارنا مفتوحًا للتعاون والحوار مع كل الأطراف، على أساس التوافق والاحترام المتبادل، بعيدًا عن الإقصاء أو التمييز.
أقرّ المؤتمر في ختام جلساته، مشاريع وثائقه من الرؤية السياسية والمبادئ وخطة الطريق، للعملية السياسية بعد إدخال التعديلات اللّازمة، وانفتاحه من أجل وحدة عمل السوريين، بعد مناقشتها ووضع الملاحظات اللّازمة عليها، وتم انتخاب الأمانة العامة للمسار الديمقراطي السوري، التي ستتولى مهمّة متابعة القرارات وتنفيذ خطة العمل، فور تنظيم شؤون المسار، والتقدم نحو الأهداف المحدّدة، والمبنية على قرارات المؤتمر ومناقشاته.