Friday, 18 July 2025
اشترك

العنف ضدّ المرأة…قضية إنسانية

يعتبر العنف ضدّ المرأة إحدى أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات عالميًّا. يمتد أثره ليشمل الصحة النفسية والجسدية للمرأة، استقرار الأسرة، والتنمية المجتمعية. عالميًّا، تُظهر التقارير أنّ واحدة من كل ثلاث نساء تتعرض للعنف، سواء كان جسديًّا، نفسيًّا، أو جنسيًّا. في الشرق الأوسط، تتفاقم الظاهرة نتيجة عوامل ثقافية، اقتصادية وقانونية، مع تباين واضح بين الدول في التعامل مع القضية.

ويشكّل العنف ضدّ المرأة انتهاكًا واضحًا وصريحًا لحقوق الإنسان؛ فهو يمنعها من التمتّع بحقوقها الكاملة, والعنف ضدّ المرأة لا يرتبط بثقافة، أو عرف، أو طبقة اجتماعيّة بعينها، بل هو ظاهرة عامة.

العنف ضدّ المرأة في الشرق الأوسط بشكل خاص, هي ظاهرة معقّدة ومتشابكة، تتأثر بعوامل ثقافية، اجتماعية، وسياسية. على الرغم من الجهود المبذولة للتصدي لهذه الظاهرة، لا تزال النساء في العديد من دول المنطقة، يعانين من مستويات مرتفعة من العنف، سواء كان ذلك في المجال الأسري، أو المجتمعي، أو حتى في أماكن العمل.

أشكال العنف ضدّ المرأة

العنف الجسدي: يُعدّ من أكثر أنواع العنف وضوحًا، ويشمل ممارسة القوة الجسدية ضدّ المرأة.

 العنف النفسي: يرتبط العنف النفسي بالعنف الجسدي، إذ إنّ المرأة التي تتعرّض للعنف الجسدي، تعاني من آثار نفسية كبيرة، وقد يُمارس هذا الشكل من العنف من خلال عدّة طرق، منها إضعاف ثقة المرأة بنفسها، والتقليل من قدراتها وإمكانياتها وتهديدها، وقد يظهر أثره على المرأة عن طريق شعورها بالخوف، أو الاكتئاب، أو فقدان السيطرة على الأمور من حولها، أو القلق، أو انخفاض مستوى تقديرها لذاتها.

العنف اللفظي: يعدّ من أكثر أشكال العنف تأثيرًا على الصحة النفسية للمرأة، وهو النوع الأكثر انتشارًا في المجتمعات، وقد يكون من خلال شتم المرأة بألفاظ بذيئة، أو إحراجها أمام الآخرين، أو السخرية منها، أو الصراخ عليها.

العنف الاقتصادي: يشمل محدودية وصول المرأة إلى الأموال، والتحكّم في مستوى حصولها على الرعاية الصحية، والعمل، والتعليم، بالإضافة إلى عدم مشاركتها في اتّخاذ القرارات المالية، وغيرها.

تحتوي هذه الصورة على سمة alt فارغة؛ اسم الملف هو 26513-1024x483.jpg

وابرز ما تعانيه المرأة في الشرق الأوسط بشكل خاص من أشكال العنف ضدّها هي:

العنف الأسري: يُعتبر الأكثر شيوعًا، حيث تعاني النساء من الاعتداء الجسدي أو النفسي داخل الأسرة.

جرائم الشرف: تُقتل مئات النساء سنويًّا بذريعة حماية “شرف الأسرة”.

العنف الجنسي: بما في ذلك التحرش والاعتداء الجنسي، والذي غالبًا ما يُقابل بالصمت بسبب الوصمة الاجتماعية.

الزواج القسري والمبكر: تُجبر بعض الفتيات على الزواج في سن صغيرة، ممّا يحرمهنّ من التعليم والاستقلالية.

العوامل المؤثرة في العنف ضدّ المرأة

الثقافة والعادات: تؤدي بعض العادات والتقاليد إلى تبرير العنف ضدّ المرأة، أو تقبله كوسيلة (لتأديبها).

غياب القوانين الفعّالة: في العديد من الدول، تكون القوانين ضعيفة أو غير مطبّقة، ممّا يشجّع على الإفلات من العقاب.

الصراعات والحروب: تزيد النزاعات المسلّحة في المنطقة، من تعرض النساء للعنف.

الفقر والجهل: تساهم معدلات الأميّة والفقر المرتفعة في تعزيز، بيئة تدعم العنف.

العنف ضدّ المرأة في ظل النزاعات المسلّحة

تعد النزاعات المسلّحة من أخطر الظواهر، التي تؤدي إلى تفاقم العنف ضدّ المرأة، حيث تشهد المجتمعات المتأثرة بالحروب، تدهورًا كبيرًا في النسيج الاجتماعي والقانوني، ممّا يجعل النساء أكثر عرضة لانتهاكات حقوق الإنسان. في ظل هذه النزاعات، يصبح العنف ضدّ المرأة، أداة متعمّدة تُستخدم لتحقيق أهداف سياسية أو عسكرية، حيث تتعرض النساء للاغتصاب، والإكراه الجنسي، والاستغلال والاتجار بالبشر.

أحد الأسباب الرئيسية لزيادة العنف ضدّ المرأة خلال النزاعات المسلحة، هو انهيار أنظمة العدالة والقانون، ممّا يضعف حماية المرأة ويتركها عرضة للانتهاكات. كما أنّ انعدام الأمن وانتشار الجماعات المسلّحة، يفاقم من التهديدات اليومية التي تواجهها النساء, بالإضافة إلى أنّ النساء في كثير من الأحيان، تُجبر على النزوح من منازلهن؛ بسبب الصراعات، ما يعرضهن لمخاطر إضافية.

كما أنّ التقاليد الثقافية والمجتمعية، السائدة في بعض المناطق المتأثرة بالنزاعات، تسهم في إدامة العنف ضدّ المرأة، حيث يتم تبرير الانتهاكات أو تجاهلها، تحت ستار الأعراف الاجتماعية.

حتى في الدول التي لا تشهد نزاعات مسلّحة، تتزايد حالات العنف ضدّ المرأة لأسباب تتعلق بالأعراف الاجتماعية، وضعف القانون وانخفاض مستوى الوعي بحقوق المرأة, حيث يشكل العنف الأسري الشكل الأكثر شيوعًا, حيث تعاني المرأة من الاعتداء الجسدي والنفسي والاقتصادي داخل منزلها.

وفي حديث للكاتبة والصحفية المتخصصة بالشأن النسوي وعضوة الاتحاد الاعلاميين والصحفيين ومراسلي الصحف وعضو تنفيذي بمبادرة مؤنث سالم لحقوق المرأة العاملة, ورئيسة اتحاد المرأة بالحزب الليبرالي المصري, شيماء الشواربي, لمركز إنشاء للمعلومات, ذكرت بأنّ المرأة “تُستغل على كافة الأصعدة سواء كانت في دولة تشهد نزاع أو لا, فالدول التي تشهد نزاع مسلّح, المرأة تُستغل فيها جسديًّا وتهدر حقوقها، ويتم التقايض والمساومة عليها في حين إذا لم تكن الدولة تشهد نزاعات مسلّحة, المرأة تنازع من أجل أشياء أخرى كأمومتها, من أجل الحفاظ على أطفالها, ومن أجل الحفاظ على منزلها وكيانها, أو من أجل المناضلة مع الذكر وليس الرجل في الحصول على حقوقها، وفي طلب المساواة معه جنبًا الى جنب”.

وأكّدت على أنّ “العنف ضد المرأة في تزايد مستمر، وهنالك إجحاف وإهدار كبير لحقوق المرأة, التي اصبحت كمكتسبات تحصل عليهنّ بعضهنّ، وتناضل لأجلها البعض الاخر، وكأنّها ليست من الحقوق من الأساس وليدة الفكرة وليدة بميلاد المرأة بنفسها, الزمن يعود إلى الوراء والحقوق أصبحت مهدّرة بشكل كبير”.

وعن دور الحكومات في التقليل من نسبة العنف ضد المرأة قالت: “الحكومات عليها دور كبير في التقليل من هذه النسبة وتصاعدها، بل للوقوف على الحد من هذه الأزمة أصلًا, فالوحدات غير المفعلة أصلًا في دول كثيرة، ووحدات حقوق الانسان وحقوق المرأة والمجالس القومية والغير قومية, ووحدات المساواة بين المرأة والرجل في العمل. لماذا لا نتّخذ التجربة الذاتية في شمال وشرق سوريا، مثالًا نحتذي به في كل شعوب الشرق الأوسط, فالتجربة الذاتية نجحت بشكل كبير، وأصبحت المرأة جنبًا إلى جنب مع الرجل في العمل وفي المنزل والمطبخ وفي الجبل والعسكرة، وقد وقفت في وجه الدواعش، وغيرهم من الكيانات الإرهابية، وأصبح لها وجود طبيعي وليس مكتسب, الذي من المفترض أن يكون موجودًا بالفعل جنبًا إلى جنب وبموافقة الطرف الأخر قبل موافقتها, التجربة نجحت وأثبتت المرأة كفاءتها، أنّ زمام الأمور لم يميل كما يعتقد البعض، وهذا ما كانت عليه الأمور في العهود القديمة”.

تزايد نسبة العنف ضدّ المرأة في بعض الدول غير المتأثرة بالنزاعات المسلّحة أيضًا:

مصر:

تشير الدراسات إلى أنّ ما يقارب من 36% من النساء المتزوجات، تعرضن للعنف الجسدي أو النفسي من قبل أزواجهنّ. القوانين القائمة لا تزال تعاني من نقص في التنفيذ، وهناك ضعف في آليات الإبلاغ والدعم للضحايا.

الأردن:

رغم وجود قانون يحظر العنف الأسري، إلّا أنّ المجتمع الأردني، لا يزال يتسامح مع أشكال معيّنة من العنف؛ بسبب الأعراف الثقافية، حيث تُقتل عشرات النساء سنويًّا في جرائم شرف. كما أنّ النساء نادرًا ما يبلغن عن الانتهاكات؛ بسبب وصمة العار والخوف من الانتقام.

المملكة العربية السعودية:

في السنوات الأخيرة، سعّت المملكة إلى إصلاحات قانونية لحماية المرأة، مثل تجريم العنف الأسري. ومع ذلك، تظل بعض حالات العنف غير مبلّغ عنها؛ بسبب الأعراف المحافظة والقيود الاجتماعية.

تركيا:

رغم أنّها لا تشهد نزاعات مسلّحة، تعاني تركيا من ارتفاع مقلق في العنف ضدّ المرأة. انسحاب الحكومة التركية من اتفاقية إسطنبول في 2021، التي تهدف إلى حماية النساء من العنف، أثار استياءً واسعًا. في 2024، سُجلت مئات الجرائم ضدّ النساء، بما في ذلك القتل الأسري. وفقًا لجمعية “سنوقف قتل النساء”، قُتلت 205 نساء خلال النصف الأول من عام 2024، مقارنة بـ 147 امرأة في نفس الفترة من عام 2023.

تعاني تركيا أيضًا من ضعف تنفيذ القوانين المتعلقة بحماية المرأة، وسط انتقادات واسعة، لعدم وجود استراتيجيات فعّالة على المستوى القضائي. يلاحظ أيضًا ارتفاع في “وفيات الإناث المشبوهة”، التي يتم تصنيفها أحيانًا كحوادث انتحار أو حالات وفاة غامضة، لكنّها غالبًا ما تكون نتيجة، للعنف الأسري أو المجتمعي.

يتّهم العديد من الناشطين الحكومة بتجاهل المشكلة، حيث يتم التركيز على قضايا أخرى بدلًا من حماية النساء. يضاف إلى ذلك، التأثير السلبي للسياسات المحافظة التي تتبناها الحكومة، والتي تعزّز القيّم التقليدية وتهمّش قضايا المرأة، ما يعزّز بيئة تسامح مع العنف.

التوترات السياسية والثقافية تعقّد المسألة، حيث تشدّد الحكومة على دور المرأة التقليدي في الأسرة، مع تقليص الدعم للمنظمات النسوية.

إيران:

هنالك تزايدًا ملحوظًا في نسبة العنف ضد المرأة، حيث تعاني عدد كبير من النساء من العنف الأسري والنفسي. القوانين الإيرانية لا تزال تتضمن أحكامًا تعزّز من تبعية المرأة للرجل، مثل حق الزوج في منع زوجته من العمل أو السفر. كما أنّ غياب القوانين التي تجرّم العنف الأسري، يجعل النساء ضحايا دون حماية قانونية فعّالة. الحركات النسوية الإيرانية، تواجه قيودًا شديدة من السلطات، ممّا يحد من قدرتها على المطالبة بالتغيير.

في أعقاب الاحتجاجات التي اندلعت بعد وفاة جينا أميني في سبتمبر 2022، شهدت إيران تصعيدًا في العنف ضدّ النساء، خاصة في ما يتعلق بقوانين الحجاب الإلزامي. الحكومة الإيرانية كثّفت قمعها عبر إجراءات منها “خطة نور”, والتي تراقب التزام النساء بالحجاب وتفرض عقوبات قاسية على المخالفات. وتشمل هذه العقوبات غرامات مالية باهظة، وأحكامًا بالسجن تصل إلى 10 سنوات، وحظرًا على السفر والعمل.

القانون الجديد الذي أقرّه البرلمان الإيراني في 2023، والمعروف باسم “قانون الحجاب والعفّة”، يعزّز هذه الإجراءات ويزيد من القيود على النساء. يأتي ذلك رغم الانتقادات المحلية والدولية، التي ترى أنّ هذه القوانين تزيد من التمييز ضدّ النساء، ولا تعالج المطالب الأساسية، التي عبّرت عنها حركة الاحتجاجات “المرأة، الحياة، الحرية”. على العكس، تسعى الحكومة لتكثيف سيطرتها على النساء، معتبرة ذلك جزءًا من استراتيجيتها لتعزيز النظام العام.

آخر قضايا العنف هي قضية “فتاة الجامعة” التي جذبت اهتمامًا كبيرًا في وسائل الإعلام المحليّة والدوليّة. في نوفمبر 2024، ظهرت طالبة في إحدى الجامعات الإيرانية، وهي تخلع ملابسها الخارجية، احتجاجًا على قوانين اللباس الصارمة، خاصة الحجاب الإلزامي. هذا التصرف أثار ردود فعل, حيث رأى البعض في تصرفها علامة على مقاومة القمع. وبالرغم من أنّ الجامعة أعلنت أنّ الفتاة كانت تعاني من مشاكل نفسية، شكّك العديد من الناشطين في هذا الادعاء، مشيرين إلى أنّ التصرف، كان تعبيرًا عن رفض للقيود المفروضة على النساء في البلاد.

الاحتجاجات ضدّ القوانين القمعية، مثل قضية الفتاة الجامعية، ليست حادثة منفردة، بل تأتي في سياق أوسع من مقاومة النساء في إيران للقوانين الجائرة, كما يواصل العديد من الناشطين مطالبة الحكومة الإيرانية، بوقف العنف الممارس ضدّ النساء، وخاصة العنف الأسري، الذي يظل منتشرًا في البلاد.

وفي حديث مع الإدارية في علاقات مجلس المرأة لحزب الاتحاد الديمقراطي في إقليم شمال وشرق سوريا، منال محمد, عن تزايد نسبة العنف ضد المرأة في الشرق الأوسط, قالت:

“إنّ المرأة كانت تعاني قديمًا من الاضطهاد الجنسي والتمييز الذكوري والذهنية الأبوية والعادات والتقاليد، واستمرّ هذا الاضطهاد إلى يومنا هذا، وخصوصًا بعد ما يسمى (الربيع العربي) حيث تعاني المرأة من محاولات انتزاع حقوقها الدستورية تكفلت بحمايتها في بعض دول الشرق الأوسط، كما أنّها تعاني من تغيير القوانين الخاصة بها، إضافة إلى ازدياد العنف الممارس ضدها بعد هذه الثورات؛ نتيجة الذهنية الذكورية المتسلّطة، التي همَّشت المرأة في حيز صغير جدًا يشبه القبر. 

وعن أهمية الحملات والمبادرات في مواجهة العنف ضد المرأة, نوهت إلى أهمية: “تعزيز نضال المرأة للوقوف في وجه هذه الممارسات، فعملت المرأة على تنظيم نفسها من خلال خلق المبادرات والحركات النسائية، على مستوى الشرق الأوسط والعالم، كما عملت على عقد الندوات التوعوية وتوزيع البروشورات، إضافة إلى المسيرات والمظاهرات التي تندد بالعنف ضد المرأة، ومخاطبة الجهات المعنية بحقوق الانسان، سواء في ظل الحملات المناهضة للعنف ضد المرأة أو غيرها، وما زال النضال مستمرًا”.
وأكّدت على أنّ: “المبادرات والفعاليات والنشاطات، التي تقوم بها التنظيمات النسائية، لها دور فعّال في توعية المرأة، للمطالبة بحقوقها وكسر القوالب المفروضة عليها، وما يؤكّد ذلك، هو شعارJin, Jiyan, Azadî ، الذي أصبح شعارًا عالميًّا”.

الإعلام وأهميّته

للإعلام دور مهم ومؤثر في تشكيل الوعي العام، تجاه قضية العنف ضدّ المرأة, ويمكن تقسيم دور الإعلام إلى جانبين إيجابي وسلبي.

إيجابية الإعلام تأتي عن طريق: التوعية والتثقيف, كسر حاجز الصمت, تعزيز النقاش المجتمعي, إبراز النماذج الإيجابية, والتغطيات الإعلامية يمكن أنّ تحدث ضغطًا على صناع القرار، لتشريع قوانين جديدة لحماية المرأة.

وسلبية الإعلام تكمن في تقديم المرأة بصورة الضعيفة، وتسهم في ترسيخ أدوار اجتماعية تقلل من شأنها, بالإضافة إلى عرض العنف ضدّ المرأة، في البرامج التلفزيونية بطريقة غير طبيعية، لجعله مقبولًا في المجتمع.

لذلك الإعلام قوة مؤثرة، وتوظيفه بالشكل الصحيح، يمكن أن يلعب دورًا حاسمًا في مكافحة العنف ضدّ المرأة.

تمكين المرأة اقتصاديًّا واجتماعيًّا

تمكين المرأة اقتصاديًّا واجتماعيًّا يُعدّ أحد الحلول الرئيسية للتصدي للعنف ضدّها، حيث يساعدها على تحقيق استقلالها المادي، تحسين وضعها الاجتماعي، وتعزيز قدرتها على مواجهة التحديات. إذ غالبًا ما يكون العنف ضدّ المرأة، مرتبطًا بعوامل اجتماعية واقتصادية، تجعلها عرضة للاستغلال والتهميش.

أهميّة الاستقلال الاقتصادي، يُمكّن المرأة من الابتعاد عن العلاقات المسيئة، وتقليل اعتمادها على المعتدين. غالبًا ما تواجه النساء الناجيات من العنف، تحديات اقتصادية تمنعهنّ من مغادرة بيئة العنف، أو بناء حياة مستقلة، ممّا يجعل التمكين الاقتصادي، خطوة أساسية لتحقيق الحرية والكرامة.

التمكين الاجتماعي يساعد النساء على بناء ثقة بأنفسهنّ، فهم حقوقهنّ، والمطالبة بها, وذلك عن طريق:

  • رفع الوعي بحقوق المرأة, بحملات التوعية لتعلم النساء حقوقهن القانونية، ممّا يمكنهنّ من اتخاذ إجراءات قانونية ضدّ المعتدين.
  • بناء شبكات دعم مجتمعية, لتوفير بيئة آمنة للنساء الناجيات من العنف.
  • تعزيز مشاركة المرأة في صنع القرار, أي زيادة تمثيل المرأة في المجالات القيادية والسياسية، للمساهمة في تقليل العنف ضدّها.

عندما تُصبح المرأة مستقلة ماديًّا واجتماعيًّا، تكون أكثر قدرة على مواجهة العنف بأشكاله المختلفة. التمكين الاقتصادي والاجتماعي، ليس مجرد حل للعنف ضدّ المرأة، بل هو استثمار في بناء مجتمع أكثر عدلًا واستقرارًا.

دور حملات التوعية والمبادرات في مواجهة العنف ضدّ المرأة

تلعب حملات التوعية والمبادرات، دورًا محوريًا في مكافحة العنف ضدّ المرأة، من خلال تغيير المفاهيم الخاطئة، تعزيز الوعي بحقوق المرأة، وتشجيع اتخاذ خطوات عملية لحمايتها. تُركّز هذه الحملات على الجوانب الوقائية والعلاجية، للتصدي لهذه الظاهرة المتجذرة اجتماعيًّا وثقافيًّا, عن طريق:

 رفع الوعي المجتمعي

تعمل حملات التوعية على تسليط الضوء على أشكال العنف ضدّ المرأة، وآثاره السلبية على الفرد والأسرة والمجتمع.

 تغيير المفاهيم المجتمعية

تسعى المبادرات إلى تحدي الأعراف والتقاليد، التي تشرعنّ العنف ضدّ المرأة.

تقديم الدعم للناجيات

توفر الحملات منصات للإبلاغ عن العنف وتقديم الدعم القانوني والنفسي.

وتسهم هذه الجهود في زيادة الوعي، تغيير القوانين المجحفة، وتشجيع النساء على كسر حاجز الصمت، ممّا يساهم تدريجيًّا في بناء مجتمع أكثر عدالة وأمانًا للمرأة.

في الختام، العنف ضدّ المرأة قضية عالمية، تستدعي تضافر الجهود من جميع الجهات المعنية، سواء الحكومات أو المؤسسات الحقوقية أو الإعلام أو الأفراد. إنّ التصدي لهذه الظاهرة ليس مجرد مطلب أخلاقي فحسب، بل هو ضرورة إنسانية وتنموية، لأنّ تمكين المرأة من العيش بأمان وكرامة، يعكس تطوّر المجتمع ورقيّه.      

إنّ مستقبل المجتمعات يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتمكين المرأة وحمايتها. ولهذا، فإنّ الاستثمار في مكافحة العنف ضدّ المرأة، ليس مجرد استثمار في حاضرنا، بل هو استثمار في الأجيال القادمة. لذلك يجب العمل من أجل عالم تُقدَّر فيه حقوق الإنسان، وتعيش فيه المرأة بسلام، وتكون جزءًا فاعلًا ومبدعًا في بناء المجتمعات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *