Saturday, 19 July 2025
اشترك

رفض قاطع للتغيير الديمغرافي.. رسالة خليجية حازمة ضد ممارسات تركيا في سوريا

وجه مجلس التعاون لدول الخليج العربي، رسالة حازمة حملت رفضًا قاطعًا لمحاولات التغيير الديمغرافي في سوريا، الذي تقوم به تركيا، حتى لو لم يذكر البيان أنقرة صراحة.

أكّد المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الأحد الماضي، خلال دورته رقم 160، على مواقفه الثابتة تجاه الحفاظ على وحدة أراضي سوريا، واحترام استقلالها وسيادتها على أراضيها، ورفض التدخلات الإقليمية في شؤونها الداخلية، ودعم جهود الأمم المتحدة، للتوصل إلى حل سياسي في سوريا، بما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

كما أكّد المجلس أيضًا، على دعم جهود مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا جير بيدرسون، ودعم الجهود المبذولة لرعاية اللاجئين والنازحين السوريين، والعمل على عودتهم الطوعية والآمنة إلى سوريا، وفقًا للمعايير الدولية، لكنّ الرسالة الأهم، كانت من خلال تأكيد المجلس الوزراي رفضه أيّ محاولات، لإحداث تغييرات ديموغرافية في سوريا.

ومن الصحيح أنّ بيان المجلس لم يحدد تركيا صراحة، لكنّ ربما هذه المعلومة ليست بحاجة إلى التحديد، فلا يسعى إلى تغيير التركيبة الديمغرافية في سوريا غير نظام “أردوغان”، بما يمارسه من جرائم وعدوان وتهجير للسكان الأصليين من مناطقهم في شمال وشرق سوريا، والاستيلاء على منازلهم وتوزيعها على المرتزقة.

نطق بلسان كل سوري

تعقيبًا على البيان، يقول الكاتب الصحفي السوري عبد الرحمن ربوع، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنّ بيان مجلس التعاون الخليجي، جاء لينطق بلسان كل سوري يرى بأم عينيه ما تقوم به تركيا وإيران في سوريا، من إزاحة ديمغرافية وسكانية هي الأخطر في تاريخ البلاد منذ قرون، فلم تشهد سوريا ذلك إلّا أيام الغزو المغولي.

واعتبر “ربوع” أنّ ببيان مجلس التعاون الخليجي جاء تعبيرًا صريحًا عن مخاوف مقلقة لكل السوريين، الذين يرون بلدهم تتغير وتقسم، ويجبر الملايين من سكانها على النزوح والانتقال داخليًا، ويُعاد توطينهم بطريقة ترسّخ وتؤسس، لحروب طائفية وأهلية مستقبلية.

ويشير إلى أنّه، سبق أن قامت إيران بالتعاون مع “جبهة النصرة الإرهابية” و “حركة أحرار الشام الإرهابية” في 2018، بإبرام صفقة المدن الأربع “الزبداني ومضايا وكفريا والفوعة”، ليتم تفريغ إدلب من شيعتها، وإعادة توطينهم في الزبداني ومضايا، لتحويط دمشق بكردون شيعي، وحرمان إدلب من تنوعها العرقي والإثني والديني.

مؤامرة تركية دنيئة

ويواصل ربوع حديثه: “واليوم ومنذ أكثر من 4 سنوات، تتعمّد تركيا تنفيذ مؤامرة ديموغرافية دنيئة، تعيد بناء المراكز الحضرية السورية وفق أسس طائفية وعرقية، وتؤسس لكردون تركي – عربي على طول حدودها مع سوريا، بحيث تجبر السكان الأصليين وغالبيتهم من الكرد، تحت ضغط الحرب والاستهداف وارتكاب المجازر والتدمير الممنهج للبنية التحتية، على النزوح جنوبًا أو إلى خارج البلاد نهائيًّا، كما تنقل عشرات الآلاف سنويًا، من اللاجئين السوريين المتواجدين على أراضيها إلى هذه المناطق، التي تم تهجير سكانها الأصليين منها.

ويقول “ربوع” إنّه للأسف أنّ من يساعد تركيا في هذه الجريمة دولة خليجية هي قطر، حيث تقوم بتمويل بناء المستوطنات الجديدة في الكردون التركي، تحت عناوين زائفة وشعارات فارغة، لا يمكنها إخفاء الحقيقة الواضحة التي هي استكمال مخططات “سوريا المفيدة” التقسيمية، حيث تقوم كل دولة متدخلة في سوريا، ببناء “سوريتها المفيدة” الخاصة بها.

ويرى الكاتب الصحفي السوري عبد الرحمن ربوع، في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أنّ هذه المخططات والمؤامرات والجرائم، تحتاج من الدول العربية أكثر من بيانات الاستنكار والاستهجان والرفض، مضيفًا أنّ هذه الجرائم تحتاج إلى وقفة تاريخية تقول لتركيا وإيران كفى، وتساعد على إعادة الحال إلى ما كانت عليه، ومساعدة السوريين على العودة إلى أراضيهم وبيوتهم، وأن يتم الطلب رسميًّا من الدوحة، أن تكفّ عن دعم وتمويل هذه المخططات الديموغرافية الإجرامية، التي تنذر بمشاكل وحروب لا نهاية لها السوريون في غنى عنها.

ويكمن جزء من أهمية ما جاء في هذا البيان، أنّه يؤكّد على أنّ حالة الرفض الخليجية للاعتداءات التركية بحق السوريين لا تزال قائمة، رغم التقارب الخليجي – التركي الكبير خلال الفترة الماضية، ويعبّر عن قناعة دول التعاون الخليجي، بأنّ الممارسات التركية والشبيهة لها، تمثّل حجر عثرة رئيسي أمام مسار حل الأزمة السورية.

تركيا المعنية الرئيسية

بدوره، يقول محمد اليمني، الخبير المصري في العلاقات الدولية، خلال حديث لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنّ معظم الدول العربية، بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي، متّفقة على وحدة الأراضي السورية، ورفض التلاعب بتركيبتها الديمغرافية، مشيرًا إلى أنّه قصد عدة دول بعينها، وإن كان لم يذكرها صراحة، وفي المقدمة تركيا وروسيا وإيران والولايات المتحدة الأمريكية.

وأضاف أنّ دول مجلس التعاون تعلم جيدًا، أنّ الأزمة السورية من أكثر الأزمات المعقّدة في المنطقة، وبالتالي لديها قناعة بأنّه لا يجب أن تكون هناك أمور إضافية تعقد الوضع أكثر، مثل مسألة التلاعب بالتركيبة الديمغرافية ومواصلة التدخلات، على نحو يحقق مصالح الأطراف المتدخلة، دون النظر للمصلحة السورية أو استقرار الدولة السورية.

ويقول “اليمني” إنّ تركيا هي المعنية بشكل رئيسي من هذا البيان، لأنّه إذا نظرنا إلى الوضع في سوريا، سنجد أنقرة هي المتواجدة بقوة وتتوغل أكثر يومًا تلو الآخر، مشيرًا إلى أنّ هذا ما قامت به في ليبيا، كما أنّ الفترة الأخيرة، يثار حديث عن إرسال النظام التركي مرتزقة للقتال في السودان، وهو أمر يدل على أنّ نظام أردوغان، لا يزال يتبع نفس السياسة، خاصّة في المحيط العربي وعلى المستوى الإقليمي.

وجدير بالذكر، أنّ بيان مجلس التعاون الخليجي، يتزامن مع تهديدات أطلقها الرئيس التركي طيب أردوغان قبل أيام، يتوعد خلالها بشن عدوان عسكري جديد على مناطق شمال وشرق سوريا، كما تحدثت بعض وسائل الإعلام التركية المقربة من دوائر السلطة، عن أنّ هذا العمل العسكري ربما يكون خلال هذا الصيف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *